●♥♥ تقتل زوجها إنتقاما لابنها ♥♥●
منتدى النداء :: ادب وشعر :: الروايات
صفحة 1 من اصل 1
●♥♥ تقتل زوجها إنتقاما لابنها ♥♥●
ـ بطلتنا كنيتها الأولى ( أم هاشم ) مع إنها من بنى أمية ، فهي فاختة بنت هاشم إبن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن أمية . تزوجت ابن عمها يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن عبد شمس بن أمية ، وأنجبت من زوجها يزيد ثلاثة من الأبناء : معاوية وخالد وأبا سفيان.
وبطلتنا ( أم هاشم : فاختة ) تزوجت خليفتين من بني أمية ، هما يزيد بن معاوية ، ثم تزوجت بعده مروان بن الحكم ، والأخير ( مروان بن الحكم ) مات على يديها الكريمتين ، قتلته انتقاماً لاهانته لابنها خالد ، لذلك توارت كنيتها الأولى (أم هاشم) وأصبحت كنيتها في التاريخ ( أم خالد ).
وما فعلته فاختة من قتل زوجها الخليفة مروان بن الحكم يدخل في نطاق الجرائم السياسية ، ولكي تعرف دوافعها وراء قتل زوجها ـ الذي هو ابن عمها ـ علينا أن نسترجع تاريخ الدولة الأموية في مرحلة بالغة التعقيد من تاريخ العرب والمسلمين .
2 ـ وتبدأ القصة بمعاوية وهو يعهد لابنه يزيد بالخلافة ويفتتح في تاريخ المسلمين وراثة الملك .
وكان معاوية قد أعـدَّ ابنه يزيد لتولى العهد، فزوّجه بنت عمه فاختة ليجتمع شمل بني أمية مع ابنه يزيد في خلافته ، وفعلا توحّد بنو أمية حول يزيد ، ولكن ثار عليه الحسين بن علي وآله من بني هاشم ، وانتهى الأمر بمأساة كربلاء ، فكان أن ثارت المدينة المنورة على يزيد وخلعت بيعته بمجرد أن عادت السيدة زينب بنت على أخت الحسين إلى المدينة ومعها رأس الحسين وما بقي من أطفال أسرتها ، فبعث يزيد بجيش اقتحم المدينة واستباحها قتلا واغتصابا ونهبا. وانتهز الفرصة عبد الله بن الزبير فأعلن نفسه خليفة في مكة ، وأثناء حصار الأمويين له جاء الخبر بوفاة يزيد بن معاوية، وتولي بعده ابنه الأكبر معاوية بن يزيد ، أو معاوية الثاني ، وبذلك تحولت بطلة قصتنا من زوجة للخليفة يزيد إلى أم للخليفة الجديد معاوية بن يزيد .
3 ـ وكان الخليفة الجديد شابا تقيا ورعا مختلفاً عن أبيه وجده ، وذلك يشى بأن لأمه أثراً كبيراً في تنشئته ، إذ أن الثابت تاريخيا أن يزيد بن معاوية كان ماجناً سكيراً عربيدا ، ولكن الثابت أيضاً من التاريخ أن أبناءه الثلاثة معاوية وخالد وأبا سفيان كانوا مشهورين بالصلاح والاتزان ، أي أن فاختة ـ التي فجعت في مجون زوجها يزيد وجرأته على المحرمات والخمرـ قد تفرغت لرعاية أبنائها فأصبحوا على نقيض أبيهم، والدليل على ذلك سيرة معاوية الثاني ابنها الذي تولى الخلافة ثم تنازل عنها قائلاً فى خطبة اعتزاله : "والله إن كانت الدنيا عزاً فقد نلنا حظنا منها، وإنا كانت شراً فكفى ما أصابنا منها" وذكر ما فعله أبوه فبكى ، وطلبوا منه أن يرشح خليفة بعده فقال: ما أصبت حلاوتها فلماذا أتحمل مرارتها؟ واعتزل الناس، فقتله أهله بالسم..! واحتقارا له فقد سمّاه أهله الأمويون أبا ليلى .
ودفنت فاختة أحزانها وهي ترى أهلها يقتلون ابنها الصالح ويهزءون به ويطلقون عليه لقب "أبي ليلى" لأنه في نظرهم جبن وخاف واعتزل .. وانصرفت همة فاختة لرعاية ابنيها خالد وأبي سفيان ، وقد كانا على نفس القدر من الصلاح تقريباً..
ولكن الأحوال ساءت بالنسبة للأمويين بعد تنازل معاوية الثاني عن الخلافة ، إذ وقع التنافس بين كبار المرشحين منهم للخلافة ، في الوقت الذي ازداد فيه نفوذ عبد الله بن الزبير ، ودخلت في طاعته مصر والعراق وأجزاء من الشام ، وأصبح سقوط الأمويين سريعاً لولا أنهم عقدوا مؤتمراً في الجابية واتفقوا على تولية مروان بن الحكم الخلافة ثم يتولى بعده خالد بن يزيد بن معاوية أو ابن بطلة قصتنا.
4 ـ وكان مروان بن الحكم شيخ بني أمية في ذلك الوقت، وقد رضي على مضض أن يكون ولي عهده الشاب خالد بن يزيد بن معاوية ، وذلك حتى تجتمع معه كلمة الأمويين ، ولكنه كان يريد أن يعهد بولاية العهد لابنه عبد الملك بن مروان ، لذا خطط للأمر بحنكة ، لكى يزيح خالد بن يزيد من ولاية العهد ، فتزوج فاختة أم خالد ليكون خالد تحت سيطرته وليحط من شأنه ومن كرامته..
5 ـ إلا أن فاختة حين رضيت به زوجاً كانت تطمع في أن تحفظ لابنها حقه في ولاية العهد ، فهي كانت زوجة خليفة من قبل ، وزوجها معاوية من يزيد لكي تجتمع حول يزيد بنو أمية ، واعتقدت أن مروان تزوجها لنفس الغرض ، واعتقدت أنها في وضعها الجديد ستكون أقدر على حفظ حق ابنها الثانى فى الخلافة بعد أن تنازل عنها ابنها الأول..
6 ـ ولكن أحلامها ضاعت هباء ، فقد فوجئت بزوجها يعمل على نقض الاتفاق بعد أن نجح في ضم مصر إليه وطرد والي عبد الله بن الزبير عنها ، أي أنه شعر بالأمن بعد ضم مصر إليه ، فعمل على تعيين ابنيه عبد الملك ، ثم عبد العزيز في ولاية العهد على الترتيب مكان خالد ، وقد جعل ابنه عبد العزيز والياً على مصر وهو والد الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز.
أى إن السيدة فاختة تجاوزتها الأحداث هي وأحلامها فقنع ابنها خالد بتعلم الكيمياء ، ولكن مروان لم يتركه في حاله ، إذ خشي من قوة شخصيته وحب الناس له فعمل على تحقيره والحط من شأنه امام رجال الدولة ، وما كان لخالد أن يسكت ، فتوالت شكواه لأمه ، وأخذت هي تهديء من روعه وهي تـَحـس بالندم على قبولها الزواج وكيف انقلب هذا الزواج ضد مصلحة ابنها وحقوقه في الخلافة ثم يصل الأمر الى قيام زوجها بتحقير إبنها على الملأ . وتحملت أم خالد إلى أن حدثت الإهانة الأخيرة لها ولابنها خالد ، فكانت القشة الى قصمت ظهر البعير كما يقال..
7 ـ إذ قال مروان لخالد أمام الناس كلمة جارحة نابية في حق أمه،قال له ( يا ابن رطبة الإست )، فدخل خالد على أمه غاضباً ، يقول لها : قد فضحتني وقصرت بي ونكست برأسي ، والله لأقتلنك أو لأقتلن نفسي ، فقد قال لي مروان كذا وكذا على رءوس الأشهاد فقالت: له والله لن يقولها لك ثانية ، وأوصته بألا يعلم مروان أنها علمت بشيء وأن يكتم الموضوع..
وأحس مروان بأنه أهان خالداً وأم خالد ، وخشي مغبة ذلك فدخل على زوجته أم خالد وقال: ما قال لك خالد اليوم؟ فقالت : ما حدثني بشيء ولا قال لي شيئاً ، فقال : ألم يشكني إليك ويشكو تقصيري به كما كان يفعل ؟ فقالت: له يا أمير المؤمنين لقد أفهمت خالداً من قبل أنك له بمنزلة الوالد ، وأنت أعظم في عيني من أن أسمح لخالد بأن يقول عنك شيئاً .
فاطمأن مروان بن الحكم قليلا ، ولكن مازالت به حتى ازداد اطمئناناً لها ، ونام عندها ، فوثبت هي وجواريها فغلقن الأبواب ، ثم عمدت إلى وسادة فوضعتها على وجه مروان وجلست فوقها ومعها جواريها حتى مات تحتهن مخنوقاً ..
ثم قامت فشقت جيبها وأمرت جواريها فشققن ملابسهن وعلا الصراخ ليعلن موت الخليفة وكان ذلك في غرة رمضان سنة 65هـ وكان مروان في الرابعة والستين من عمره..
ومن ضمن الروايات الت ذكرت نفس الموضوع ننقل منها ما ذكره المؤرخ محمد إبن سعد فى الطبقات الكبرى فى ترجمة مروان بن الحكم ، وقد وصل الى سبب وفاته : (وكانمروان قد أطمع خالد بن يزيد بن معاوية في بعض الأمر ، ثم بدا له فعقد لابنيه عبدالملك وعبد العزيز ابني مروان بالخلافة بعده ، فأراد أن يضع من خالد بن يزيد ويقصر بهويزهد الناس فيه. وكان إذا دخل عليه أجلسه معه على سريره ، فدخل عليه يوما فذهب ليجلسمجلسه الذي كان يجلسه فقال له مروان وزبره ( أى زجره ) : تنح يا إبن رطبة الاست والله ما وجدت لكعقلا ، فانصرف خالد وقتئذ مغضبا حتى دخل على أمه فقال : فضحتني وقصرت بى ونكست برأسيووضعت أمري.! قالت وما ذاك؟ قال تزوجت هذا الرجل فصنع بي كذا وكذا ثم أخبرها بما قال.فقالت له: لا يسمع هذا منك أحد ولا يعلم مروان أنك أعلمتني بشيء من ذلك وادخل عليكما كنت تدخل واطو هذا الأمر حتى ترى عاقبته فإني سأكفيكه وانتصر لك منه . فسكت خالدوخرج إلى منزله . وأقبل مروان فدخل على أم خالد بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة ـ وهيامرأته ـ فقال لها : ما قال لك خالد ما قلت له اليوم وما حدثك به عني ؟ فقالت : ما حدثنيبشيء ولا قال لي. فقال: ألم يشكني إليك ويذكر تقصيري به وما كلمته به ؟ فقالت يا أميرالمؤمنين : أنت أجل في عين خالد وهو أشد لك تعظيما من أن يحكي عنك شيئا أو يجد من شيءتقوله وإنما أنت بمنزلة الوالد له. فانكسر مروان وظن أن الأمر على ما حكت له وأنهاقد صدقت .
ومكث حتى إذا كان بعد ذلك وحانت القائلة فنام عندها ، فوثبت هي وجواريهافغلقن الأبواب على مروان ، ثم عمدت إلى وسادة فوضعتها على وجهه فلم تزل هي وجواريهايغممنه حتى مات . ثم قامت فشقت عليه جيبها وأمرت جواريها وخدمها فشققن وصحن عليه ، وقلنمات أمير المؤمنين فجأة. وذلك في هلال شهر رمضان سنة خمس وستين )
وقد نقل المؤرخ ابن الجوزى نفس الرواية نقلا عن ابن سعد . ثم نقلها ـ مع بعض تغييرـ المؤرخ ابن كثير فى ترجمة مروان بن الحكم .
8 ـ وتولى عبد الملك بن مروان بعد أبيه ، وحقق في وفاة أبيه المفاجئة فعلم أن أم خالد قد قتلته فأراد أن يقتلها ، فقالوا له إنه عار عليك أن يعلم الناس أن أباك قد قتلته امرأة. فكف عنها ونجت أم خالد من القتل..
وتمتع عبد الملك بن مروان بالخلافة ، وأراد خالد أن يمحو من نفس عبد الملك بن مروان الجريمة التي اقترفتها أمه فاشترك مع جيش الأمويين في حرب ضد أهل الحجاز الذين انضموا لعبد الله بن الزبير..
وكانت أصداء ما حدث لمروان ومقتله قد وصلت للحجاز ، وتعجب أهل الحجاز لاشتراك خالد في الحرب مع عبد الملك ضدهم ، وأثناء الحرب أبلي خالد بلاء حسناً في جيش الأمويين ضد الحجازيين ، فما كان من أهل الحجاز إلا أن هتفوا في المعركة يسخرون منه شعراً بلفظ هابط بذىء ، و سمع خالد الشعر فانسحب من المعركة.
يذكر الصفدى فى موسوعته ( الوافى بالوفيات ) تلك القصة بتفاصيل مختلفة ، ونعتذر مقدما عن ايراد النصّ كما هو : ( جرى بين خالد وبين مروان بن الحكم كلام فقال لمروان : أين أنت مني ؟ قال : بين رجلي أمك الرطبة . فدخل على أمه فاختة بنت ابي هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس فقال : هذا عملك بي والله لأقتلنك أو لأقتلن نفسي . قال لي مروان كذا . قالت : أما والله لا يقولها لك ثانية . فلما نام مروان ألقت على وجهه وسادة وجلست عليها حتى مات . وعلم عبد الملك خبرها فهم بقتلها فقيل له : أما إنه شر عليك أن يعلم الناس أن أباك قتلته امرأة .! فكفّ عنها .
وحضر خالد مع مروان فأبلى بلاء حسنا حتى أن أنكى في أهل الحجاز فقال رجل منهم :
ها إن همّ خالد ما همّه ... أن سلب الملك ونيكت أمّه
فجعل فتيان منهم يرتجزون بها ، فلم يخرج خالد للقتال بعد ذلك )( الوافى بالوفيات 13 / 273 )
وعاد خالد إلى أمه يدفن أحزانه في علم الكيمياء ، فأطلقوا عليه خالد الكيماوي..
وبطلتنا ( أم هاشم : فاختة ) تزوجت خليفتين من بني أمية ، هما يزيد بن معاوية ، ثم تزوجت بعده مروان بن الحكم ، والأخير ( مروان بن الحكم ) مات على يديها الكريمتين ، قتلته انتقاماً لاهانته لابنها خالد ، لذلك توارت كنيتها الأولى (أم هاشم) وأصبحت كنيتها في التاريخ ( أم خالد ).
وما فعلته فاختة من قتل زوجها الخليفة مروان بن الحكم يدخل في نطاق الجرائم السياسية ، ولكي تعرف دوافعها وراء قتل زوجها ـ الذي هو ابن عمها ـ علينا أن نسترجع تاريخ الدولة الأموية في مرحلة بالغة التعقيد من تاريخ العرب والمسلمين .
2 ـ وتبدأ القصة بمعاوية وهو يعهد لابنه يزيد بالخلافة ويفتتح في تاريخ المسلمين وراثة الملك .
وكان معاوية قد أعـدَّ ابنه يزيد لتولى العهد، فزوّجه بنت عمه فاختة ليجتمع شمل بني أمية مع ابنه يزيد في خلافته ، وفعلا توحّد بنو أمية حول يزيد ، ولكن ثار عليه الحسين بن علي وآله من بني هاشم ، وانتهى الأمر بمأساة كربلاء ، فكان أن ثارت المدينة المنورة على يزيد وخلعت بيعته بمجرد أن عادت السيدة زينب بنت على أخت الحسين إلى المدينة ومعها رأس الحسين وما بقي من أطفال أسرتها ، فبعث يزيد بجيش اقتحم المدينة واستباحها قتلا واغتصابا ونهبا. وانتهز الفرصة عبد الله بن الزبير فأعلن نفسه خليفة في مكة ، وأثناء حصار الأمويين له جاء الخبر بوفاة يزيد بن معاوية، وتولي بعده ابنه الأكبر معاوية بن يزيد ، أو معاوية الثاني ، وبذلك تحولت بطلة قصتنا من زوجة للخليفة يزيد إلى أم للخليفة الجديد معاوية بن يزيد .
3 ـ وكان الخليفة الجديد شابا تقيا ورعا مختلفاً عن أبيه وجده ، وذلك يشى بأن لأمه أثراً كبيراً في تنشئته ، إذ أن الثابت تاريخيا أن يزيد بن معاوية كان ماجناً سكيراً عربيدا ، ولكن الثابت أيضاً من التاريخ أن أبناءه الثلاثة معاوية وخالد وأبا سفيان كانوا مشهورين بالصلاح والاتزان ، أي أن فاختة ـ التي فجعت في مجون زوجها يزيد وجرأته على المحرمات والخمرـ قد تفرغت لرعاية أبنائها فأصبحوا على نقيض أبيهم، والدليل على ذلك سيرة معاوية الثاني ابنها الذي تولى الخلافة ثم تنازل عنها قائلاً فى خطبة اعتزاله : "والله إن كانت الدنيا عزاً فقد نلنا حظنا منها، وإنا كانت شراً فكفى ما أصابنا منها" وذكر ما فعله أبوه فبكى ، وطلبوا منه أن يرشح خليفة بعده فقال: ما أصبت حلاوتها فلماذا أتحمل مرارتها؟ واعتزل الناس، فقتله أهله بالسم..! واحتقارا له فقد سمّاه أهله الأمويون أبا ليلى .
ودفنت فاختة أحزانها وهي ترى أهلها يقتلون ابنها الصالح ويهزءون به ويطلقون عليه لقب "أبي ليلى" لأنه في نظرهم جبن وخاف واعتزل .. وانصرفت همة فاختة لرعاية ابنيها خالد وأبي سفيان ، وقد كانا على نفس القدر من الصلاح تقريباً..
ولكن الأحوال ساءت بالنسبة للأمويين بعد تنازل معاوية الثاني عن الخلافة ، إذ وقع التنافس بين كبار المرشحين منهم للخلافة ، في الوقت الذي ازداد فيه نفوذ عبد الله بن الزبير ، ودخلت في طاعته مصر والعراق وأجزاء من الشام ، وأصبح سقوط الأمويين سريعاً لولا أنهم عقدوا مؤتمراً في الجابية واتفقوا على تولية مروان بن الحكم الخلافة ثم يتولى بعده خالد بن يزيد بن معاوية أو ابن بطلة قصتنا.
4 ـ وكان مروان بن الحكم شيخ بني أمية في ذلك الوقت، وقد رضي على مضض أن يكون ولي عهده الشاب خالد بن يزيد بن معاوية ، وذلك حتى تجتمع معه كلمة الأمويين ، ولكنه كان يريد أن يعهد بولاية العهد لابنه عبد الملك بن مروان ، لذا خطط للأمر بحنكة ، لكى يزيح خالد بن يزيد من ولاية العهد ، فتزوج فاختة أم خالد ليكون خالد تحت سيطرته وليحط من شأنه ومن كرامته..
5 ـ إلا أن فاختة حين رضيت به زوجاً كانت تطمع في أن تحفظ لابنها حقه في ولاية العهد ، فهي كانت زوجة خليفة من قبل ، وزوجها معاوية من يزيد لكي تجتمع حول يزيد بنو أمية ، واعتقدت أن مروان تزوجها لنفس الغرض ، واعتقدت أنها في وضعها الجديد ستكون أقدر على حفظ حق ابنها الثانى فى الخلافة بعد أن تنازل عنها ابنها الأول..
6 ـ ولكن أحلامها ضاعت هباء ، فقد فوجئت بزوجها يعمل على نقض الاتفاق بعد أن نجح في ضم مصر إليه وطرد والي عبد الله بن الزبير عنها ، أي أنه شعر بالأمن بعد ضم مصر إليه ، فعمل على تعيين ابنيه عبد الملك ، ثم عبد العزيز في ولاية العهد على الترتيب مكان خالد ، وقد جعل ابنه عبد العزيز والياً على مصر وهو والد الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز.
أى إن السيدة فاختة تجاوزتها الأحداث هي وأحلامها فقنع ابنها خالد بتعلم الكيمياء ، ولكن مروان لم يتركه في حاله ، إذ خشي من قوة شخصيته وحب الناس له فعمل على تحقيره والحط من شأنه امام رجال الدولة ، وما كان لخالد أن يسكت ، فتوالت شكواه لأمه ، وأخذت هي تهديء من روعه وهي تـَحـس بالندم على قبولها الزواج وكيف انقلب هذا الزواج ضد مصلحة ابنها وحقوقه في الخلافة ثم يصل الأمر الى قيام زوجها بتحقير إبنها على الملأ . وتحملت أم خالد إلى أن حدثت الإهانة الأخيرة لها ولابنها خالد ، فكانت القشة الى قصمت ظهر البعير كما يقال..
7 ـ إذ قال مروان لخالد أمام الناس كلمة جارحة نابية في حق أمه،قال له ( يا ابن رطبة الإست )، فدخل خالد على أمه غاضباً ، يقول لها : قد فضحتني وقصرت بي ونكست برأسي ، والله لأقتلنك أو لأقتلن نفسي ، فقد قال لي مروان كذا وكذا على رءوس الأشهاد فقالت: له والله لن يقولها لك ثانية ، وأوصته بألا يعلم مروان أنها علمت بشيء وأن يكتم الموضوع..
وأحس مروان بأنه أهان خالداً وأم خالد ، وخشي مغبة ذلك فدخل على زوجته أم خالد وقال: ما قال لك خالد اليوم؟ فقالت : ما حدثني بشيء ولا قال لي شيئاً ، فقال : ألم يشكني إليك ويشكو تقصيري به كما كان يفعل ؟ فقالت: له يا أمير المؤمنين لقد أفهمت خالداً من قبل أنك له بمنزلة الوالد ، وأنت أعظم في عيني من أن أسمح لخالد بأن يقول عنك شيئاً .
فاطمأن مروان بن الحكم قليلا ، ولكن مازالت به حتى ازداد اطمئناناً لها ، ونام عندها ، فوثبت هي وجواريها فغلقن الأبواب ، ثم عمدت إلى وسادة فوضعتها على وجه مروان وجلست فوقها ومعها جواريها حتى مات تحتهن مخنوقاً ..
ثم قامت فشقت جيبها وأمرت جواريها فشققن ملابسهن وعلا الصراخ ليعلن موت الخليفة وكان ذلك في غرة رمضان سنة 65هـ وكان مروان في الرابعة والستين من عمره..
ومن ضمن الروايات الت ذكرت نفس الموضوع ننقل منها ما ذكره المؤرخ محمد إبن سعد فى الطبقات الكبرى فى ترجمة مروان بن الحكم ، وقد وصل الى سبب وفاته : (وكانمروان قد أطمع خالد بن يزيد بن معاوية في بعض الأمر ، ثم بدا له فعقد لابنيه عبدالملك وعبد العزيز ابني مروان بالخلافة بعده ، فأراد أن يضع من خالد بن يزيد ويقصر بهويزهد الناس فيه. وكان إذا دخل عليه أجلسه معه على سريره ، فدخل عليه يوما فذهب ليجلسمجلسه الذي كان يجلسه فقال له مروان وزبره ( أى زجره ) : تنح يا إبن رطبة الاست والله ما وجدت لكعقلا ، فانصرف خالد وقتئذ مغضبا حتى دخل على أمه فقال : فضحتني وقصرت بى ونكست برأسيووضعت أمري.! قالت وما ذاك؟ قال تزوجت هذا الرجل فصنع بي كذا وكذا ثم أخبرها بما قال.فقالت له: لا يسمع هذا منك أحد ولا يعلم مروان أنك أعلمتني بشيء من ذلك وادخل عليكما كنت تدخل واطو هذا الأمر حتى ترى عاقبته فإني سأكفيكه وانتصر لك منه . فسكت خالدوخرج إلى منزله . وأقبل مروان فدخل على أم خالد بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة ـ وهيامرأته ـ فقال لها : ما قال لك خالد ما قلت له اليوم وما حدثك به عني ؟ فقالت : ما حدثنيبشيء ولا قال لي. فقال: ألم يشكني إليك ويذكر تقصيري به وما كلمته به ؟ فقالت يا أميرالمؤمنين : أنت أجل في عين خالد وهو أشد لك تعظيما من أن يحكي عنك شيئا أو يجد من شيءتقوله وإنما أنت بمنزلة الوالد له. فانكسر مروان وظن أن الأمر على ما حكت له وأنهاقد صدقت .
ومكث حتى إذا كان بعد ذلك وحانت القائلة فنام عندها ، فوثبت هي وجواريهافغلقن الأبواب على مروان ، ثم عمدت إلى وسادة فوضعتها على وجهه فلم تزل هي وجواريهايغممنه حتى مات . ثم قامت فشقت عليه جيبها وأمرت جواريها وخدمها فشققن وصحن عليه ، وقلنمات أمير المؤمنين فجأة. وذلك في هلال شهر رمضان سنة خمس وستين )
وقد نقل المؤرخ ابن الجوزى نفس الرواية نقلا عن ابن سعد . ثم نقلها ـ مع بعض تغييرـ المؤرخ ابن كثير فى ترجمة مروان بن الحكم .
8 ـ وتولى عبد الملك بن مروان بعد أبيه ، وحقق في وفاة أبيه المفاجئة فعلم أن أم خالد قد قتلته فأراد أن يقتلها ، فقالوا له إنه عار عليك أن يعلم الناس أن أباك قد قتلته امرأة. فكف عنها ونجت أم خالد من القتل..
وتمتع عبد الملك بن مروان بالخلافة ، وأراد خالد أن يمحو من نفس عبد الملك بن مروان الجريمة التي اقترفتها أمه فاشترك مع جيش الأمويين في حرب ضد أهل الحجاز الذين انضموا لعبد الله بن الزبير..
وكانت أصداء ما حدث لمروان ومقتله قد وصلت للحجاز ، وتعجب أهل الحجاز لاشتراك خالد في الحرب مع عبد الملك ضدهم ، وأثناء الحرب أبلي خالد بلاء حسناً في جيش الأمويين ضد الحجازيين ، فما كان من أهل الحجاز إلا أن هتفوا في المعركة يسخرون منه شعراً بلفظ هابط بذىء ، و سمع خالد الشعر فانسحب من المعركة.
يذكر الصفدى فى موسوعته ( الوافى بالوفيات ) تلك القصة بتفاصيل مختلفة ، ونعتذر مقدما عن ايراد النصّ كما هو : ( جرى بين خالد وبين مروان بن الحكم كلام فقال لمروان : أين أنت مني ؟ قال : بين رجلي أمك الرطبة . فدخل على أمه فاختة بنت ابي هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس فقال : هذا عملك بي والله لأقتلنك أو لأقتلن نفسي . قال لي مروان كذا . قالت : أما والله لا يقولها لك ثانية . فلما نام مروان ألقت على وجهه وسادة وجلست عليها حتى مات . وعلم عبد الملك خبرها فهم بقتلها فقيل له : أما إنه شر عليك أن يعلم الناس أن أباك قتلته امرأة .! فكفّ عنها .
وحضر خالد مع مروان فأبلى بلاء حسنا حتى أن أنكى في أهل الحجاز فقال رجل منهم :
ها إن همّ خالد ما همّه ... أن سلب الملك ونيكت أمّه
فجعل فتيان منهم يرتجزون بها ، فلم يخرج خالد للقتال بعد ذلك )( الوافى بالوفيات 13 / 273 )
وعاد خالد إلى أمه يدفن أحزانه في علم الكيمياء ، فأطلقوا عليه خالد الكيماوي..
منتدى النداء :: ادب وشعر :: الروايات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى